أصبحت ملاعب كرة القدم الجزائرية منذ سنوات مسرحا لأعمال عنف وصلت إلى حدّ القتل، دون أن يتمكن أحد من إيقاف هذه الظاهرة التي تعكس بحسب متخصصين مدى الاحتقان لدى الشباب الذي فقد الأمل في المستقبل.
وبلغت خطورة هذه الظاهرة أوجها في غشت 2014 بمقتل لاعب نادي شبيبة القبائل الكاميروني ألبير إيبوسي على أرض الملعب بسبب مقذوفة ألقيت من المدرجات.
وبعد انحسار الصدمة التي خلفها الحادث ونقاشات وتحليلات طويلة وحملات واسعة قادتها السلطات من أجل اللعب النظيف والتسامح في الملاعب، عاد العنف من جديد ليصنع الحدث مع نهاية كل أسبوع. ولا تكاد تخلو مرحلة في دوري كرة القدم خلال الأعوام الماضية من حادث عنف بين اللاعبين أو الاعتداء على الحكام أو في المدرجات بين المشجعين أو مع قوات الأمن أو حتى اجتياح الجمهور لأرض الملعب.
ولم تنجح العقوبات المتكررة بحرمان النوادي من اللعب أمام جمهورها أو نقل مبارياتها إلى ملاعب بعيدة، في القضاء على الظاهرة. وفي ديسمبر، قتل مشجع خلال لقاء بين ناديين هاويين في القسم الخامس من ولاية سطيف (شرق)، وسقط العشرات من الجرحى.
وفي منتصف أبريل، أصيب أكثر من 100 شخص في قسنطينة على هامش نصف نهائي كأس الجزائر بين مولودية الجزائر وشبيبة القبائل، ما دفع بالسلطات إلى تشديد اللهجة والوعيد بالتصدي الصارم ووضع حد لهذه الظاهرة. وقامت وزارة الداخلية بتشكيل لجنة تحقيق في هذه الأحداث لكن نتائج عملها لم تظهر بعد.
ويعاني 30 بالمئة من الجزائريين بين سن الـ16 و24 عاما من البطالة، بينما تسيطر الدولة على كل مقاليد المجتمع في ظل ركود سياسي وانتشار الممنوعات مقابل غياب فضاءات الترفيه. ويشير بكيس إلى أن “الملاعب كانت ولا تزال الفضاء الأكثر تحررا من السلطة للتعبير الصادق عن واقع المجتمع والتناقضات التي يختزنها”. ويتابع “عنف الملاعب امتداد للعنف المنتشر في المجتمع لكن بمستوى أكبر لأن الفئات الشابة التي ترتاد الملاعب تختزن كمّا هائلا من العدوانية جراء الشعور بالعجز عن تحقيق ذاتها، ما يولد اليأس الذي يولد بدوره العنف”.
وعندما يصل الشباب إلى الملعب، يفرحون غالبا باللوحات الجميلة التي يصنعها المشجعون، إلا أنهم يصطدمون بسوء التنظيم وقلة وسائل الراحة ما يغذي غضب الجماهير. فالمدرجات غير مهيّأة “وبعضها لا يحتوي حتى على كراس والبعض الآخر لا توجد فيه أبسط مرافق الراحة”، حسب عبدالرحمن (17 سنة) الذي يرتاد الملاعب كل نهاية أسبوع. وبسبب عدم وجود ترقيم للأماكن، يدخل المشجعون المدرجات قبل ساعات من بداية المباراة، بعد أن تزاحموا تارة تحت شمس حارقة وطورا تحت المطر.








