“التيساع رحمة”..
يونس الخراشي
من الآن فصاعدا، صار متعينا على مدربي كرة القدم المغربية، بمن فيه ممثلهم في المكتب التنفيذي للجامعة، أن يحزموا أمتعتهم جيدا، “جوج عقدات”، استعدادا للرحيل المفاجئ الذي قد يباغتهم به مسؤولو الفرق، وقد حصلوا على الضوء الأخضر من فوزي لقجع، مؤيدا بأعضاء المكتب، وهو يعفي الناخب الوطني، بناء على الظن، والافتراض، وبعض التقارير التي..
في وقت سابق ظلت إقالة مدرب من فريق وطني ما، والمجيء بآخر غيره، تشكل وخزا في ضمير الودادية، وفي ضمير من لديه ضمير، حتى ولو مستتر، فتجد من يقول لك “اللهم إن هذا منكر”، وتجد من يصدع بها، قائلا:”لا يعقل أن يستمر هذا الوضع، وإلا فإن كرة القدم لن تقوم لها قائمة”، وتجد بطبيعة الحال من يقول لك هامسا:”المدرب اللي جا راه من شحال هذي وهو كيخطط، وكيدير جهدو باش يقنع المسؤول بللي المدرب لاخر ملايقش ليه”.
أكثر من ذلك، فقد كانت بعض الإقالات تُستنكر من المنتسبين وغير المنتسبين إلى سلك التدريب، فتجد شبه إجماع حول إعفاء مدرب معين، مع أنه كان محط تقدير، فقط رانت على مساره غمامات لم يكن ليضر المسؤولين لو أنهم انتظروا بعض الوقت حتى تعبر من فوق رؤوسهم، مفضلين اسما آخر، مثلما حدث ذات يوم مع امحمد فاخر، وهو يعفى من الرجاء، ولم يبق له عن كأس العالم للأندية سوى أياما قليلة، أو كما حدث مع عزيز العامري الذي أعطى للمغرب التطواني الكثير، وأعطاه هذا الفريق الكثير، أو كما حدث مع الزاكي نفسه، على عهد عبد الإله أكرم، حين أعفي ولم يبق له عن “خط نهاية” البطولة سوى “سنتميرات”.
وهكذا، فقد كانت وسائل الإعلام بدورها تتحرك، متحدثة عن ظاهرة مثيرة وغريبة، تسميها على الأرجح “مذبحة المدربين” أو “مقصلة المدربين” أو حتى “رقصة المدربين”، داعية، بواسطة أسماء لها وزنها، إلى ضرورة إخراج القانون الخاص بالمدرب إلى حيز الوجود، وتنفيذه على أرض الواقع، حتى يستقيم وضع الكرة المغربية، متهمة، في كل مرة، المسؤولين على تدبير شؤون كرتنا بأنهم أول من يمضي بها إلى الإفلاس، وخالصين إلى أن أزمة الكرة عندنا تتركز في التسيير، وليس أي شيء آخر.
اليوم سيتغير كل شيء، أو لنقل بعبارات أخرى أكثر دقة إنه يتعين على من يهمهم الأمر، وخصوصا منهم المدربون، أن ينظروا إلى ما يهم إعفاء الأطر الوطنية، من اليوم فصاعدا، بطريقة أخرى مغايرة، تلك التي جاء مسيرون، إلى التلفزيون، والمواقع الإخبارية، يبررونها بكل برود، وهم يصفون قرار الجامعة بأنه شجاع، وبأنها تدخلت في الوقت المناسب، وبأن قرارها اتخذ بالإجماع، كما لو أن الاختلاف يهددها في مقتل، وكما لو أنها تقول، بطريقة ما، إن من يختلف معها مطرود من رحمتها شر طردة؛ يعني إما معنا، أو “دير بيان حقيقة كذب فيه راك كنتي ضدنا”.
راقني كثيرا تصريح قال فيه أحدهم إن على الأطر المغربية أن تشتغل أكثر حتى تجد لها مكانا في المنتخبات الوطنية. “يا سلام على معادلة.. يعني باش تولي ناخب وطني خصك تخدم مزيان، وباش تخدم خص تكون عندك تجربة، وباش تولي عندك تجربة خصك تخدم مزيان.. ولكن منين تجي تخدم معهم يجريو عليك، حيت كيفترضو أنك تقدر تقصيهم.. أو تجيب نتيجة ممزياناش”..
الحمد لله الذي أعطانا مسيرين من طراز رفيع، كان لهم الفضل في اكتشافات عظيمة يشهد عليها التاريخ، ولولاهم لما تمكنت الكرة المغربية من حيازة صفر لقب عالمي، وصفر لقب غير إفريقي، ولقب قاري يتيم، وبفضلهم صار تصدير لاعبينا إلى أوروبا أمرا هينا، وصارت بطولتنا قريبة من زميلتها الإسبانية بـ”12 كيلوميتر تقريبا”.
إلى اللقاء.








