رأي رياضي..
“مشهدان مؤلمان”..
يونس الخراشي
المشاهد المؤلمة التي لها صلة بالرياضة المغربية ليس لها حد. وكأنها مشاهد وراءها سيناريست محترف، يعرف، بخبرته الضافية، كيف يوظف أحسن عناصر “الحكرة”، ليشعر الناس، في هذا البلد، بالألم الحاد.
قبل أيام عاد ثلة من الأطفال المغاربة من الدوحة القطرية، حيث تمكنوا، بفضل مواهبهم الرائعة، من بلوغ نهائي دوري عالمي لكرة القدم، دون أن يجدوا في الانتظار من يعنى بهم؛ فأحرى أن يحتفل بهم، ويحملهم في العمارية، عساه يشعرهم بقيمة الإنجاز الكبير الذي اجترحوه. وبطبيعة الحال يشجعهم على المضي قدما، بحثا عن إنجاز أكبر في المستقبل.
ويوم أول أمس (الأحد)، منع ثلة من الأطفال من استعمال مركز بوركون، بالدار البيضاء، حيث كان مفترضا أن يتنافسوا ضمن ملتقى لألعاب القوى. فظلوا، مع من رافقوهم، من آباء وأمهات، وأولياء أمور، وأصدقاء، ينتظرون، تحت وابل من المطر، “قرارا معلقا في السماء” يصدر من جهة ما، ليتاح لهم الجري، والقفز، والوثب، ورمي الجلة، وغيرها، كي يكبروا بعقل سليم في جسم سليم.
للذين يشاهدون، من زاوية أخرى، حيث لا ألم يعتصر القلب مهما حدث، أن يقدموا كل المبررات التي يريدون. غير أنها لن تكون مقبولة، ولن تمحو شيئا من الحزن الذي تسببت فيه الصور المخزية للأطفال / التلاميذ، العائدين من الدوحة، دون أن يجدوا في الاستقبال من يحتفي بهم. كما أنها لن تهدئ من روع الأطفال، ولا أوليائهم، وأصدقائهم، الذين انتظروا، لوقت طويل، أمام مركز بوركون، وبداخله، دون أن يتسنى لهم التنافس، والشعور بفرح لا تصنعه سوى الرياضة.
إن ما حدث، ويحدث، وقد يحدث، في حال لم يتدخل من يعنيهم الأمر لوضع حد لهذا الإسفاف، والإذلال، يعني شيئا واحدا لا غير، هو أن هناك من يخربون “البيت الرياضي المغربي”، معاكسين بذلك كل ما جاءت به الرسالة الملكية ليوم 24 أكتوبر 2008، بدعوتها الصريحة إلى دمقرطة الرياضة، وتغيير حالتها البئيسة، ووضعها حيث ينبغي لها، بأن تكون عاملا للتلاحم الاجتماعي، والتطوير الذاتي والجماعي، وتنوير العقول.
ماذا يمكن لنا أن نقول للأطفال الذين أهينوا؟ كيف نوضح لهم بأن ما وقع خطأ؟ كيف نجعلهم يتحدون واقعهم وقد كانوا يتصورون بأن الاحتفاء بهم سيكون أكبر من الاحتفاء بهيفاء وهبي مثلا؟ وكيف يمكننا أن نأتي بهم إلى مراكز رياضة في مواعيد أخرى دون أن يأتوا وهم متوجسون من “قرارات معلقة” جديدة؟
بالله عليكم، يا من تديرون شؤون الرياضة المغربية، من بعيد. هل بمثل هاته السلوكات الرعناء، والموغلة في “العبثية”، وقصر النظر، يمكننا أن نصنع الحدث الرياضي المطلوب من لدن المغاربة جميعا؟
أكرر، المشهدان كانا مؤلمين بحق. ويصعب على المرء أن يتخيل سبيلا لتصحيح الوضع بمن كانوا وراء “الحكرة”.
إلى اللقاء.
(عن أخبار اليوم)







