رسالة عاجلة لبودريقة وحسبان
“تناصحوا ماشي تناطحوا”..
يونس الخراشي
كان المفترض في الرئيس محمد بودريقة، وهو يغادر القصر الملكي بالدار البيضاء، بعد إنجاز الرجاء في كأس العالم للأندية، أن يخطط للمستقبل جيدا، عوض أن يبعثر أوراق فريق ينتظره النجاح الكبير، بقوله، والناس يستعدون للموسم الجديد، إنه سيقدم استقالته في نهاية البطولة.
حينها أظهر بودريقة، الرئيس الشاب، الذي نجح مع الرجاء في باب نتائج الفريق الأول، وجهه الآخر. ذلك الوجه الذي يؤكد بأننا إزاء رجل مزاجي، متقلب الأطوار، لديه رغبة قوية في الوصول إلى أشياء بعيدة، لكنه لا يمنح نفسه وقتا كي يفكر في الأسلوب، وما إن كان ما يرغب فيه ممكنا، أم سيجر عليه مشاكل كثيرة إن هو فعله.
ومنذ ذلك الحين، أصبح لبودريقة قرارات كثيرة يناقض بعضها البعض، وتصريحات كثيرة أيضا تمضي في اتجاهات مختلفة تماما عن بعضها، بل إن منها ما يمكن بموضوعية تصنيفه في خانة اللغو، ومثاله ذلك التصريح الشهير الذي قال فيه :”غنرجعو نحكمو”، وكأن الأمر يتعلق بصراع حول نفوذ ما، مع أن القضية كلها رياضة، والرياضة أساسا هي “ترويض النفس، والجسم، على حركات تجعلهما يطمئنان، ويطمئنان”.
ولعل الأشهر الماضية تعد مثالية في هذا الجانب، ذلك أن الرجل خرج مرات كثيرة جدا، كان محقا في بعضها، حين جاء يدافع عن نفسه، وعن مساره مع الرجاء، وعن تدبيره، وعن ذمته المالية، غير أنه كان خارج السياق تماما وهو يؤكد في مرات أنه مستعد ليعود إلى الرئاسة، فإذا به يأتي، بعد ساعات فقط، ليقول إن ذلك ليس معقولا، فهو صار سياسيا، ولا يحق له الجمع بين الرياضة والسياسة، ثم يناقض نفسه مجددا، فيقول إنه على أهبة لرئاسة فريقه، وإنقاذه مما هو فيه.
الحق يقال إن الرجاء، ومنذ أن قسمه أهله إلى فرع للكرة، ومكتب مديري، برأسين، ومكتب إداري، وهو في نفق مظلم للغاية، جعله يتخبط في التدبير السيء، ما أثر على ماليته، وبالتالي على الفريق الأول، الواجهة الرئيسية، ليسقط في فخ التشرذم. غير أن هناك من يتحمل المسؤولية في كل مما وقع، ويتعين عليه أن يكون عاقلا ولو مرة في حياته، فيفكر ألف مرة ومرة قبل الإقدام على الكلام، أو الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي، ما دام الأمر يتصل بالحديث مع جماهير عريضة جدا، يشعرها اللغو بالقلق إزاء فريقها، فتكاد هي الأخرى تتشرذم.
لا يمكن لأي كان أن يقف ضد إرادة أحد في ترشيح نفسه لرئاسة جمعية، غير أن واجب النصح مطلوب في الأوقات الحرجة. والرجاء يعيش وضعية محرجة جدا، ودليل ذلك ما سبق أن صرح به الرئيس سعيد حسبان، ومفاده أن متأخرات الفريق تقدر بمبلغ 23 مليار سنتيم. وهكذا فالرجاء محتاج إلى متناصحين بشأنه، وبشأن مصيره، لا إلى متناطحين، يحاول كل منهم أن يغلب الآخر، عساه يفوز بالرئاسة؛ مع أن الأخيرة صار كرسيها كهربائيا بامتياز، فإما أن يكون لديك قدرات خارقة لتتغلب على مستلزماته، أو دعك من الكلام بخصوصه.
قد يترشح بودريقة، أو غيره لرئاسة الرجاء. وقد يفوز بالكرسي، وبـ”الديون التي تفوق 23 مليار” ! ولكن رجاء، أيها الرئيس، قل ما تقدر على تطبيقه فقط، أو اصمت. فإن التناقض واللبس يعنيان شيئا واحدا، أنك لا تستحق القيادة.
إلى اللقاء.